توصل فريق بحث طبي إيرلندي -من كلية ترينيتي بمدينة دبلن- إلى أن ديدان الطفيليات المسببة للأمراض (كالبلهارسيا)
تحدث تغيرات واستجابات في جهاز مناعة المرضى المصابين بها تؤدي إلى الوقاية من الربو وفرط الحساسية.
أصبح الربو –إلى حد كبير– "مرض الأغنياء" الذين لا يصابون بالأمراض الطفيلية، وهو أقل انتشارا في البلاد الفقيرة التي يصاب فيها الأطفال بطفيل الدودة المدورة "شيستوسوما مانسوني" التي تسبب مرض البلهارسيا.
وهؤلاء الأطفال يظهرون استجابات حساسية منخفضة.
ويقدر الخبراء عدد المصابين بطفيليات البلهارسيا في مناطق المداريات بنحو 250 مليون شخص.
تعيش هذه الطفيليات في خلايا الدم الحمراء، مسببة فقر الدم (أنيميا) وعطب الكلى. لكن المصابين بالبلهارسيا لا يعانون من الربو وفرط الحساسية.
وطبقا لفرضية سائدة لدى خبراء الصحة العامة، تتحور استجابات جهاز المناعة في الإنسان لتتعامل مع الإصابة بالطفيليات. لكن في بيئة صحية ونظيفة تقل الطفيليات وتتوجه استجابات جهاز المناعة نحو القطط والفستق السوداني وعثة الغبار.
وأجرى فريق البحث بقيادة الدكتور بادريك فالون تجاربهم على فئران المختبرات المحورة وراثيا بحيث تصاب بالربو والحساسية المفرطة. ثم قاموا بحقن الفئران بالطفيليات المسببة للبلهارسيا.
لاحظ الباحثون أن الفئران لم تصب بصعوبة التنفس الملازمة للربو وفرط الحساسية لأن وجود الطفيليات حال دون حدوث الالتهاب الرئوي.
لذلك يأمل الباحثون أن هذا البحث سيساعد على تطوير طرق جديدة لعلاج الربو والحساسية المفرطة والوقاية منها. كما يأملون في التمكن من علاج مرض الأمعاء الملتهبة والتهاب المفاصل الحاد.
وقد اتضح لدى الباحثين أن طفيل البلهارسيا قد طور طريقة للتحكم في نظام المناعة الإنساني
بما يرفع أو يخفض الالتهاب (الاستجابة) في الشخص الحامل للطفيل، ليتوافق تماما مع المستوى المطلوب من أجل تأمين نمط حياة الطفيل داخل الإنسان.
وليست هذه المرة الأولى التي تقترح فيها الطفيليات كعلاج للأمراض، فقد اختبرت بعض الأبحاث في الولايات المتحدة الدودة الشريطية كعلاج لمرض الأمعاء الملتهبة.
ورغم أن استخدام الطفيليات في علاج الأطفال المرضى بالربو غير وارد عمليا، قد يتمكن الباحثون من اكتشاف أداة كيميائية حيوية (بيوكيميائية) تمنع حدوث الربو وغيره من ردود الفعل المناعية ذات الحساسية المفرطة.
وفي دراسة أجريت في جمهورية الغابون، وجد الباحثون أن الأطفال المصابين بطفيليات أبدوا استجابات أقل حساسية إزاء عثة الغبار من الأطفال غير المصابين بالطفيليات. ولكن عندما تم طرد الطفيليات من المصابين بها بالأدوية، نشأت لديهم استجابات حساسية متزايدة.
وخلص الباحثون الإيرلنديون إلى أن الطفيليات الممرضة تستغل الاستجابات المناعية الإنسانية بشكل متعمد لتأمين بقائها، وقد يتمكن الباحثون بدورهم من استغلال الطفيليات لعلاج غير المصابين بها من الربو وفرط الحساسية.
وإذا ما تمكن الباحثون من تحديد جزيئات الطفيل المسؤولة عن إحداث الاستجابة الوقائية (من الحساسية)، فسيتمكنون عندئذ من استعمالها علاجيا.