كانت بدايات بلزاك إذن مثل الكثير من معاصريه مليئة بالغثاثة والارتباك السردي
وكانت قصصه ورواياته تعاني الكثير من العيوب مثل ازدحام حشد غير معقول من الشخصيات الثانوية التي تصعب السيطرة على تنظيم أدوارها وأصواتها في حوارات قصة واحدة، من كاهن متحذلق لا ينطق إلا بالحكم والأمثال إلى خادمة جوفاء
لا تعرف أن تمسك يسرا ولا يهدأ لها لسان، وغيرهم من شخوص يشكلون عبئا حقيقيا على الكثير من قصصه
وينخرون بنيتها من الداخل، وهو ما تنجم عنه قصة أورواية غثة، وحبكة مهزوزة غير متوازنة في نهاية التحليل.
وبفضل تجربته المكثفة والمتواصلة في الكتابة اهتدى بلزاك في أعماله المتأخرة إلى تجاوز الكثير من هذه النقائص السردية
وقدم روايات أطول وأكثر انسجاما وتماسك حبكة، وهنا رست عبقريته على تأسيس بدايات الرواية الحديثة مع رؤية واقعية هي التي سيشتهر بها لاحقا، وسيشيد بها سانت بوف ولامارتين وستاندال
وفي مرحلة لاحقة سيفتتن بها مارسيل بروست، وهي التي يعود لها الفضل في ترسيخ اسم بلزاك في تاريخ الأدب الروائي العالمي.