ولد أونوريه دي بلزاك يوم 20 مايو 1799م في مدينة تور الفرنسية، من أب هو برنار بليسا الذي غير اسمه
بمحض إرادته إلى بلزاك، وكان كاتب ضبط عدليا، على قدر من التنوير، وأمه آن شارلوت سالمبييه امرأة فظة جافة
عرفت ببرود علاقتها مع أبنائها، ولهذه العائلة المتوسطة الحال
ولدت بعده بسنة 1800م شقيقته لور التي ستصبح أيضا أديبة رفيعة مثل أخيها، وإن لم تصب قدرا كبيرا من الشهرة.
وفي سنة 1813م اضطر بلزاك لقطع دراسته بثانوية فاندوم مؤقتا نتيجة مصاعب عقلية، إلا انه استكملها بعد أن رجع لطوره 1816م وظهرت تباشير ملكته الأدبية مبكرا حيث بدأ في سن العشرين يكتب ـ مع أصدقاء ـ قصصا بأسماء مستعارة
كان من أبرزها تراجيديا لم يتمكن من نشرها هي "كرومويل" 1820م، وأخرى لم يستكمل مخطوطتها بعنوان "ستيني" وأتبعهما سنة 1822م بأعمال أكثر نضجا ولكنها لا تخلو من غثاثة مثل "وريثة بيراج" و"جان لويس" ثم "المئوية" و"كاهن الأردين" وعلى هذا النحو المتسارع تتالت أعماله بقوة وسرعة عجيبتين رغم حداثة سنه، فجاءت "الجنية الأخيرة" و"آنيت والمجرم" 1824م ثم "شفرة المستقيمين" وأعمال أخرى كثيرة
وهو ما فتح أمامه أفق علاقة غير متكافئة مع بعض السيدات المتأدبات هن يزين مجالسهن به وينعشن التي أصبحت حديث العامة والخاصة، أما هو فيعتبرهن حبيبات له ويكتب في سبيلهن الغزل، مثلما كانت بداية علاقته بالسيدة بيرني
التي دفعته الى المزيد من الكتابة، مع التركيز على القصص خاصة لأنها تصادف هوى في نفسها، وكانت القصص والرواية وقتها في موقع أدنى من الشعر وحتى النقد، إلا عند السيدات
ولغزارة إنتاجه أصبح أدباء عصره يتوسمون فيه أحد أمرين: أما أنه رجل مجنون فعلا يركب رأسه الشيطان
وإما أن روحا أدبية عبقرية تتقمصه وتسمح له بهذه الغزارة في الإنتاج، وقد أثبتت الأيام أن الأمور كانت تؤكد هذا الاحتمال الأخير بامتياز