خلصت أبحاث أجراها علماء أستراليون إلى أن العالم سيكون أكثر ظلاما في الأعوام القادمة
ولكنه ظلام مفيد سيحمي الأرض من ظاهرة الاحترار الكوني Global Warming التي أثارت مخاوف الجميع.
وأعلنت نتائج تلك الأبحاث في المؤتمر المشترك لجمعيتي الجيوفيزيائيين الأميركية والكندية، الذي عقد في العشرين من2004 في مونتريال بكندا، وضم علماء من كل أرجاء العالم.
وتفيد الأبحاث أن تكاثف السحب وذرات الغبار في جو الأرض يقلل كمية الأشعة التي تصل لكوكبنا من الشمس
وهي مصدر الحرارة والضوء. ورغم قلق بعض العلماء من هذه الظاهرة –التي تعرف بالإظلام الكوني– يرى علماء آخرون فيها عاملا طبيعيا يوازن أو يقلل من أثر ظاهرة الاحترار الكوني.
وقد تواتر موضوع الإظلام العالمي في دراسات ومناقشات العلماء خلال العقدين الأخيرين على الأقل. فقد لاحظ العلماء منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي أن الإشعاع الشمسي الواصل لسطح الأرض يتناقص بمقدار 2-4% كل 100 عام. وقد أرجعوا ذلك إلى طبقات السحب والغبار التي تشتت الضوء عند دخوله غلاف الأرض.
ولكن الدراسات السابقة كانت مقصورة على النصف الشمالي من الأرض، ولهذا فقد شكك بعض العلماء في أن تكون هذه ظاهرة عالمية، أو أن تكون موجودة من الأساس. ولهذا فقد كان لابد من إثبات وجود هذه الظاهرة جنوب خط الاستواء، كما هي موجودة شماله.
وقد قدم العلماء الأستراليون دليلا قويا على أن ظاهرة الإظلام الكوني تصدق على كل أجزاء كوكب الأرض عندما توصلوا إلى أن معدل تبخر الماء قد انخفض في أستراليا بصورة ملحوظة للغاية خلال الثلاثين عاما الماضية، مما يؤكد أن الإشعاع الحراري القادم من الشمس قد انخفض. وقد قاد هذه الأبحاث الدكتور مايكل رودريك، الأستاذ بالمعهد الوطني لعلوم البيئة في كانبيرا (أستراليا).
وأعرب الدكتور رودريك عن عدم قلقه من ظاهرة الإظلام الكوني، لأنه يعتبرها أحد أساليب التغذية المرتدة التي يصحح بها مسار البيئة. فالحرق المستمر للوقود الحفري (فحم وبترول) لا يضخ المزيد من ثاني أكسيد الكربون في الجو فحسب، بل يضخ أيضا ذرات دقيقة من الغبار. كما أن ارتفاع درجة الحرارة في الأرض يؤدي بدوره إلى زيادة كثافة طبقة السحب.
وأوضحت الأبحاث أن طبقتي السحب والغبار تقللان مقدار الأشعة الشمسية النافذة إلى الأرض، وتشتتان الضوء، بالقدر الذي يسمح للنباتات على سطح الأرض بامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون بكفاءة أكبر من الظروف العادية. ومن ثم، فإن ظاهرة الإظلام تقلل من غاز ثاني أكسيد الكربون وتحمي الأرض من ظاهرة الاحترار العالمي.
وقد فسر الباحثون كيف أن الضوء المشتت يكون أكثر فائدة للنبات من الضوء المباشر بأن الضوء المشتت يتخذ مسارا متعرجا، مما يتيح لأوراق النبات أن تتعرض للضوء بشكل كامل وليس سطحا واحدا.
وكلما زادت المساحة المعرضة من أوراق النبات للضوء، زادت فاعليتها في عملية البناء الضوئي، أهم عمليات حفظ الحياة على الأرض بصورة مطلقة، إذ تتحول فيها الطاقة الضوئية إلى مركبات عضوية، مما يعمل بدوره على استنفاد أكبر لغاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يتم استهلاكه أثناء عملية البناء الضوئي.
ولكن هذه النظرية لا تصدق على كل أنواع النباتات. فنباتات شمال أوروبا، التي تعاني بالفعل من شح الضوء، ربما تتأثر سلبا إذا حدث أي نقص في كمية الضوء النافذة إليها.