آدم سميث Adam Smith فيلسوف واقتصادي سكوتلندي. وُلد في كيركالدي – سكوتلندة، وتوفّي في أدنبرة
. لُقّب "أبو الاقتصاد السياسي"، تعبيراً عن الإسهام الكبير الذي قدّمه لهذا العلم في بداية نشأته في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر. في سنّ الرابعة عشرة انتقل سميث إلى جامعة أكسفورد حيث درس الآداب والفلسفة مدّة ستّ سنوات.
بعد تخرّجه عُيّن أستاذاً للآداب في غلاسكو وشغل في عام 1753م كرسي أستاذية الفلسفة، حيث كان يدرّس الاقتصاد السياسي إلى جانب الفلسفة. انطلق سميث من مقولاته الفلسفية حول "الانسجام" والنعمة والواجب في معالجة القضايا الاقتصادية لعصره، وكان يستعمل عبارة "الطبيعي" للدلالة على ما هو منسجم مع الشروط المتغيّرة.
أسّس آدم سميث نظرية الحرّية الاقتصادية التي ترى في تصرّف الإنسان وسعيه وراء مصلحته الشخصية، في ضوء تغيّر الشروط التي يعيش فيها، أمراً طبيعياً يقود إلى خير المجتمع، وأنّ الأجور الطبيعية والأسعار الطبيعية هي تلك التي تكون منسجمة مع شروط العرض والطلب وتتغيّر بتغيّرها، فتوفّر بذلك الخير والنعمة للأفراد والمجتمع.
في عام 1764م انفصل سميث عن التدريس الجامعي ليعمل وصياً ومستشاراً لدوق بوكليه الغني، ورافقه طوال سنتين إلى فرنسا حيث التقى الاقتصاديين الطبيعيين (الفيزيوقراط) فرانسوا كينيه وتورغو فتأثّر كثيراً بآرائهما الاقتصادية. وقد بدا هذا التأثّر واضحاً في مقولته "الطبيعي" وكذلك في دفاعه عن الحرّية الاقتصادية.
وفي المدّة بين عامي 1767 و1776م، بعد عودته من فرنسا، ركّز جهوده في إعداد كتابه الشهير "ثروة الأمم". وفي عام 1777م عُيّن مفوّضاً للجمارك ورسوم الملح في سكوتلندة، وأقام مع والدته في أدنبرة. وفي عام 1787م أصبح رئيساً لجامعة غلاسكو حتّى توفّي عام 1790م. وعلى الرغم من دراسته الفلسفة والآداب وتعيينه أستاذاً للفلسفة في جامعة غلاسكو وإصداره كتاب "نظرية الشعور الأخلاقي" عام 1759م، الذي أعطاه شهرة واسعة، عُرف آدم سميث بنظرياته الاقتصادية التي غيّرت كثيراً من مفاهيم العالم في الربع الأخير من القرن الثامن عشر.
يعدُّ آدم سميث أحد مؤسّسي مدرسة الحرّية الاقتصادية التي عُرفت باسم المدرسة التقليدية (الكلاسيكية). ففي كتابه "ثروة الأمم" الذي صدر بعنوان "بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم"، عام 1776م بحث آدم سميث في آلية النموّ الاقتصادي مميّزاً بين ثلاثة عوامل للإنتاج وتوزّع الناتج بينها: العمل، ومكافأته هي الأجر، والرأسمال، ويعطي صاحبه الربح، إضافة إلى الأرض التي تعطي صاحبها الريع.
وتوصّل آدم سميث إلى نتيجتين رئيستين: الأُولى: أنّ ناتج العمل لا يعود بتمامه إلى العامل، والثانية: أنّ ريع الأرض يتزايد مع الزمن، بسبب زيادة الطلب على المنتجات الزراعية فترتفع أسعارها وتتدنّى الأرباح التي يحصل عليها أصحاب رؤوس الأموال. وهذا يقود إلى تدنّي الحوافز على الادخار ثمّ إلى الركود الاقتصادي. هاتان النتيجتان بنى عليهما في ما بعد كارل ماركس نظريته في القيمة الزائدة وفي زوال النظام الرأسمالي.
وأشار آدم سميث إلى أنّ الحرّية تحفز على النموّ، إذ إنّ الأشخاص، بفضل نعمة الحرّية، يستطيعون تحقيق مصالحهم الفردية، وعندما يسعى كلّ فرد لتحقيق مصلحته الفردية تتوضّع، في رأي آدم سميث، مؤسّسات وسلوكيات توفّر عفوياً قيام نظام منسجم مع الطبيعة (مقولته حول العصا السحرية) يحقّق مصلحة المجتمع على نحو أكثر فعالية ممّا لو كان الهدف هو تحقيق المصلحة العامّة على نحو مباشر. لهذا كان آدم سميث
يرى أنّه من المناسب أن تحجم الدولة عن أيّ تنظيم أو تقييد لمصلحة أيّ نشاط اقتصادي أو أيّة فئة من الأشخاص.
ويقتصر عمل الدولة، بحسب رأي آدم سميث، على القيام بالواجبات الثلاثة الآتية: الدفاع عن المجتمع ضدّ الأعمال العدوانية الخارجية، وحماية كلّ عضو من أعضاء المجتمع ضدّ الظلم والاضطهاد من قِبل الأعضاء الآخَرين، والقيام بالأشغال العامّة التي يحجم عنها الأفراد بسبب عدم ربحيتها.
كما ضمّن سميث كتابه بحثاً يتناول أهمّية تقسيم العمل، وأثره في زيادة تأهيل العمال وفي رفع إنتاجيتهم وتبسيط حركات العمل، ممّا يقود إلى استعمال الآلات. كما أشار أيضاً إلى دور السوق وسعتها في تشجيع كلّ شخص على التخصّص في الإنتاج ومن ثمّ زيادة الإنتاجية وتحقيق النموّ.
وانطلاقاً من نظريته في تقسيم العمل والتخصّص فيه امتدح آدم سميث الإيجابيات الكبيرة لعلاقات التبادل التجاري بين الأمم ولكنْ من غير أن يهمل المصالح القومية.
لقد كان داعية للحرّية الاقتصادية، ولكنّه لم يكن ليضحّي بمصالح وطنه. أوردت الموسوعة الفرنسية (لاروس) في التعريف بآدم سميث ما يأتي: "إنّ كتابه - المقصود ثروة الأمم - هو كتاب مؤلّف بريطاني تجريبي، ضعيف الاهتمام بالمنطق، ولكنّه مهتمّ جدّاً بالمصالح البريطانية، يحكم على الأوضاع الدولية من خلال المسائل التي تهمُّ بريطانيا العظمى".