تعددت أبحاث العلماء حول القردة وعلاقتها الوثيقة بالإنسان بصفتها أقرب المخلوقات إلى البشر من حيث الطباع، والشبه وغير ذلك، حيث أجريت الكثير من الدراسات حول أدمغة البشر والقرود، لاكتشاف الفروق الفردية بين الاثنين، ووجدت تشابها كبيراً بينهما، بل أن هناك بعض الدراسات أثبتت تفوق قردة الشمبانزي على البشر في اختبارات الذاكرة، الأمر الذي لا يقبله الكثيرين ويعتبرونه إهانة للإنسان.
وتحقيقا لهذا التقارب الواضح بين البشر والقرود وبالتحديد الشمبانزي، توصل فريق من العلماء الأمريكيين فى جامعة فرجينيا، أن حيوان الشمبانزى فى طريقة إلى الانقراض ليس فقط بسبب إزالة الغابات التى يعيش فيها أو بسبب الصيد ولكن أيضاً بسبب الفيروسات التى ينقلها الإنسان إلى هذا الحيوان.
وأشار العالم تارانجيت كور وفريقه، إلى أن البعض من الشمبانزى يعانى من التهابات مزمنة فى الجهاز التنفسى والتهاب الشعب الهوائية والرئة، كما اكتشفت بعض الفيروسات الاخرى على جثث الشمبانزى فى ساحل العاج، ويرجع السبب وراء هذه الإصابة إلى العلماء الذين يأتون من قارات أخرى للدراسة على الحيوانات والسياح الذين يقومون بزيارة الغابات مما يتطلب أخذ إجراءات سريعة حاسمة لحماية هذا الحيوان من الاندثار.
كما توصل علماء ألمان للمرة الأولى إلى أن البشر يمكنهم نقل مرض الالتهاب الرئوي إلى حيوانات الشمبانزي التي يعتقد على نطاق واسع بأنها نقلت مرض الإيدز إلى الإنسان.
وأوضحت الدراسة أن الباحثين اكتشفوا وجود فيروس الالتهاب الرئوي في عينات أنسجة أخذت من عدد من حيوانات الشمبانزي نفقت في حديقة حيوان "تاي" الوطنية في كوت ديفوار.
وقال العلماء بمعهد روبرت كوخ للأمراض المعدية في برلين ومعهد ماكس بلانك لعلوم الانسان والتطور، إن هذا الفيروس شهد تحورات تثبت أنه انتقل حديثاً إلى الشمبانزي عن طريق الإنسان.
وفي سياق الحديث عن العلاقة بين الشمبانزي والإنسان ، أكد علماء أمريكيون أن الشمبانزي هو أقرب الحيوانات إلى الانسان، مؤكدين أن هذه الدراسة تقدم المزيد من الدعم للفرضية التي تقول إن الإنسان والشمبانزي من جنس واحد، لأنهما لا يشتركان فقط في الجينات المتشابهة للغاية، ولكنهما يشتركان في أوقات توالد متشابهة أيضاً.
ومن جانبه، أشار سوجين يي عالم الأحياء الذي قاد فريق البحث إلى أن معظم علماء الأحياء يعتقدون أن الشمبانزي والإنسان كانا يشتركان في سلف واحد قبل حوالي 5 إلى 7 ملايين عام.
وأوضحت الدراسة أن الاختلاف في معدلات الارتقاء بين الإنسان والشمبانزي تجعلنا نعتقد أن صفات الجنس البشري مثل طول العمر، بدأت في الارتقاء منذ مليون عام فقط، وهي فترة قصيرة في تاريخ الارتقاء.
وأفادت الدراسة أنه بمرور الوقت قد تباطأ التطور الفردي للنوع الذي نشأ منه الإنسان، والتطور الفردي يفسر الوقت الذي يمر بين الجيل الواحد والذي يليه، وتباطؤه عند الإنسان أتاح له تطوير مخ كبير، كما أن دورة التطور الفردي عند الإنسان أبطأ بنسبة 3 % فقط عنها عند الشمبانزي، ولكنها 11% أبطأ من الغوريلا.
وفي نفس الصدد، أفادت دراسة حديثة بأن هناك الكثير من التشابه بين نشاطات دماغى القرد والإنسان، مؤكدة أن الأبحاث التى أجروها على قردة من نوع الـ"كابوشين" أظهرت بأن لدى هذه الحيوانات براعة يدوية تضاهى تلك التى للإنسان.
وأشار علماء فى كلية حيرام بولاية أوهايو، إلى أن لدى هذا النوع من القردة نظاماً اجتماعياً معقداً وقدرات ذهنية لا تتوفر عند غيرها من الحيوانات.
وأجري البروفوسور كيمبرلى فيليبس والباحثة اليانا ليلاك دراسة على 13 من هذه القردة بواسطة الرنين المغناطيسى لمعرفة حجم الألياف العصبية التى تربط بين جزئى الدماغ عندها، حيث تبين بأن هذا الجزء عند ذكور قردة الـ"كابوشين" أصغر حجما منه عند الاناث، وبأن القردة التى تستخدم اليد اليمنى تكون أدمغتها أصغر من أدمغة نظرائها التى تستعين باليد اليسرى عند الاستخدام.
وقد كشف علماء دوليون عن أطلس وراثي "جينوم" للشمبانزي، كما تمكنوا من مقارنة جيناته مع جينات الإنسان.
وأظهر البحث أن 96 في المائة من جينات الإنسان والشمبانزي تتطابق بشكل تام، إلا أن هذا يعني وجود فوارق كبيرة بينهما عند النظر إلى أعداد الرموز التي تبنى بها الجينات التي يبلغ عددها 3 مليارات رمز.
وأشار علماء بمؤسسة هوارد هيجس التابعة لجامعة واشنطن للطب في سياتل ومؤسسات أمريكية، إلى أن الشمبانزي يفتقد تماماً أو بشكل جزئي 53 جيناً يوجد لدى الإنسان منها ما يقود إلى أمراض مثل ألزهايمر "خرف الشيخوخة" ومرض السكري.
أصدرت محكمة ألمانية قرارا بأن الشمبانزي يظل شمبانزي، ولا يعقل أن تصدر المحكمة حكما قضائيا يقر بـ"ادميته" أو إصباغ اية صفة إنسانية عليه، لأي غرض كان، وإلا أصبح ذلك تلاعبا بالقانون.
جاء هذا القرار الذي أصدره القاضي نوي اشتات في مدينة فيينا بعد رفضه اصدار حكم قضائي يمنح قردا من فصيلة الشمبانزي صفة الانسانية، وذلك بعد جلسات تداول تواصلت منذ فبراير 2006، لقضية هي الأولى من نوعها، كانت قد رفعتها جمعية نمساوية لحماية الحيوان تطالب فيها باعتبار القرد الشمبانزي "ماثيو هيزال بان"، ورفيقته القردة روزا "أشخاص" وليس "اشياء" وذلك حتى يتسنى لهذه الجمعية الحديث باسميهما والحفاظ على حقوقهما ومراعاتهما بصيغة قانونية كوكيل عنهما.
وتعود تفاصيل القضية -التي رواها الدكتور البيطري مارتن بالوخ، لصحيفة "الشرق الأوسط"- إلى أن الشمبانزي ماثيو والشامبانزي روزا، وكلاهما يعيش في النمسا منذ 25 عاما في ملجأ أعلن مؤخرا افلاسه، ويدين بقرض لبنك يطالب بتسديد قيمة القرض عن طريق بيع الحيوانين، مما يهددهما ليس فقط بالتشرد بل بالخطر، ما دفع جماعات من النشطاء للدفاع عنهما، ومحاولة مساعدتهما والتبرع برعايتهما.. وهنا ظهرت عقبة لم تكن في الحسبان، إذ اتضح انه وفقا للقانون النمساوي لا يمكن التبرع وتخصيص الهبات والميراث لغير بني البشر، وليس لاشياء، كما تعتبر المحكمة كلا من ماثيو وروزا.